في ليلة مفعمة بالسحر، احتضنت قاعة البيت الثقافي في كربلاء المقدسة عرضاً مسرحياً استثنائياً بعنوان “مفاتيح كربلاء”، وذلك ضمن فعاليات افتتاح النسخة الرابعة من مهرجان أيام كربلاء الدولي للمسرح، تحت شعار “صرخة غزة”. هذا العرض، الذي قدمته شعبة المسرح المعاصر التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، نجح في نقل الحضور في رحلة عبر الزمن، مستعرضاً هوية كربلاء وقيمها الإنسانية النبيلة.
بقيادة المخرج زيدون آل سلطان، تمكن العرض من الربط بسلاسة بين الماضي والحاضر، من خلال توظيف رمزي دقيق وإيماءات فنية مليئة بالتأثير. تألق الممثلون الأطفال في تجسيد شخصيات تاريخية وأحداث مفصلية شكّلت تاريخ المدينة المقدسة، حيث لعبت عاشوراء والمواكب دوراً محورياً في نسج الحكاية المسرحية وتجسيد الثورة التي عاشتها كربلاء عبر العصور.
النص المسرحي، الذي كتبه وسام عبد السلام، تميز بجمال اللغة وبساطة العبارات التي ساعدت في إيصال الرسالة بشكل واضح ومؤثر للجمهور من مختلف الأعمار. استخدم الكاتب تعابير تراثية تنبض بأصالة كربلاء وعراقتها، مما أضفى على العمل بعداً ثقافياً يعكس عمق المدينة وروحها.
استمرت الحكاية المسرحية لمدة خمسين دقيقة، عاشت خلالها الجماهير لحظات من التأمل والانبهار، حيث تفاعلت مع المشاهد التي تستحضر الماضي وتربطه بالحاضر. ووفقاً للدكتور عامر هادي، الذي حضر العرض، فقد أعرب قائلاً: “لم أجد عرضاً مسرحياً يعيدني إلى أيام طفولتي كهذا”.
بهذا العرض المميز، أثبتت شعبة المسرح المعاصر التابعة للعتبة الحسينية المقدسة قدرتها الفائقة على تقديم أعمال فنية ذات جودة عالية، تسهم في إثراء المشهد الثقافي في العراق. كما جاء المهرجان ليؤكد مجدداً على أهمية المسرح كوسيلة تعبير عن الهوية الثقافية والتاريخية للمجتمع.