استعرضوا أعمالاً فنّية ومسرحية متنوعة
- إلهام العوضي: المهرجان يوفّر بيئة ملهمة للفنانين الإماراتيين.. والإقبال الكبير يعكس شغف المجتمع بالفنون والتراث
- أحمد الشارد: حريصون على تعزيز الوعي بأهمية مبادرة “إرث دبي”.. والمهرجان منصة مجتمعية تحتفي بالإبداع والتراث
أتاح مهرجان الفرجان، الذي تنظمه “فرجان دبي”، المؤسسة الاجتماعية التطوعية الهادفة إلى تعزيز التواصل الاجتماعي بين سكان الأحياء في دبي عبر المنصات الافتراضية، بالتعاون مع صندوق الفرجان، وبلدية دبي، في حديقة مشرف الوطنية خلال الفترة من 12 إلى 26 فبراير الجاري، الفرصة أمام العديد من المواهب الإماراتية لتقديم إبداعاتهم الفنية، حيث بات منصة رئيسية لدعم الإبداع المحلي وتعزيز الهوية الوطنية عبر ورش عمل تفاعلية وفعاليات فنية تستهدف مختلف الفئات العمرية.
واستعرض نحو 205 فنانين وفنانات مواهبهم في مجالات الأعمال الفنية والمسرحية، وذلك عبر أكثر من 60 ورشة طوال أيام المهرجان، شارك فيها أكثر من 3 آلاف زائر من مختلف الفئات العمرية.

منصة لدعم المواهب
وقالت إلهام العوضي، مدير التسويق في فرجان دبي، إن مهرجان الفرجان يمثل منصة مثالية لدعم المواهب الإماراتية وإبراز إبداعاتها في مختلف المجالات الفنية، إذ يُعد مساحة حقيقية لنقل التراث والإبداع بين الأجيال، ودعم المواهب الإماراتية للوصول إلى آفاق جديدة.
وأضافت: “فخورون باستضافة مجموعة متنوعة من الورش الفنية، بالشراكة مع هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان وشركة باركن، والتي تتيح للمواهب المواطنة فرصة تنمية قدراتها والوصول لجمهور أكبر، حيث يحرص المهرجان هذا العام على توفير بيئة ملهمة للفنانين الإماراتيين، بما يمكّنهم من استعراض مهاراتهم، سواءً في الفنون التشكيلية أو الحرف التقليدية أو العروض الفنية.”
وتابعت إلهام العوضي: “شهدنا إقبالًا كبيرًا على الأعمال والورش الفنية، مما يعكس شغف المجتمع الإماراتي بالفنون والتراث”، لافتة إلى أن مهرجان الفرجان منصة مستدامة لتمكين المواهب الإماراتية وتحفيز الإبداع لدى الشباب، الأمر الذي يعزّز من ارتباطهم بالهوية الإماراتية من خلال الفنون والثقافة.”

إبداعات فنيّة
وتضمّن المهرجان العديد من الإبداعات الفنية لفنانين إماراتيين، والتي جذبت أنظار زوّاره من المهتمين بالفنون والثقافة الإماراتية، ومنها “مكاني السعيد” للفنانة هند خالد، وهو عمل يستحضر الحنين إلى بيت الطفولة من خلال الفن التفاعلي والإضاءة، حيث يجسّد تجربة الحنين بطريقة حسية وغامرة. و”بيتٌ من هدب” للفنانة شما آل علي، التي أبدعت أعمالاً فنية معقدة عبر دمج الخشب والجلد القماشي والدبابيس والخيوط؛ وهذا المزيج جمع بين الدقة الحرفية والإبداع لتحويل المواد البسيطة إلى تحف فنية مدهشة ذات طابعٍ فريد.
كما أبدعت الفنانة الإماراتية ميثاء حمدان في “حوار مضيء”، عبر النسج بين الشعر والضوء والحركة في تكوين نحتي ينبض بالمعنى. ويتشكل العمل من عمودين نحتيين من الفولاذ المقاوم للصدأ، إذ يبدأ أحد العمودين ببيتٍ من قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ليكمله العمود الآخر في تداخلٍ حركي يعكس جوهر التكامل، حيث يمتزج الحرف بالنور في لوحة بصرية وشعرية ديناميكية.
وبعمل فنّي بعنوان “القدور والحكايات”، أبدعت نوال البلوشي في تجسيد عمق التراث السردي في الثقافة العربية، حيث كانت النساء يجتمعن حول النار لرواية القصص، ناقلاتٍ للحكمة والتاريخ عبر الأجيال، فلم تكن “القدور” مجرد أوانٍ للطهي، بل أوعية للذاكرة. وترمز الجذور في العمل إلى امتداد التراث، بينما تعكس الكلمات المنبثقة منها قوة اللغة في حفظ الهوية.
كما سلّط عمل “حوينا يحتوينا”، للفنانات آمنة بنت بشر، ودنى ودانية العجلان، وفاطمة المحمود، الضوء على روح الحوي الإماراتي التقليدي، الذي كان ولايزال قلب المنزل، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لمشاركة لحظات الفرح والحزن والتواصل في فضاء يحتضن الجميع. ويمزج التصميم بين الطابع التراثي واللمسات العصرية باستخدام المواد الموجودة والنقوش الحديثة، ليقدم رؤية معاصرة لمساحة متجذرة في الثقافة الإماراتية. فيما أبدعت الفنانة سارة الخيّال في عملها بعنوان “لمة الحوي” من خلال لوحات تعرض أنماطاً جميلة بين الضوء والظل، وتعكس طابعاً ثقافياً يمزج بين الهندسة والطبيعة.
أما الفنانان محمد التميمي وعبدالله الاستاد فأعادا من خلال “الخط العربي”، إحياء قصيدة “هذي دبي” للشاعر علي الخوار، التي اشتهرت في بداية التسعينات وارتبطت بذكريات الطفولة للعديد من أهالي دبي. حيث تم تسجيل القصيدة هذا العام بدعم من صندوق الفرجان واختيرت كجزءٍ من الجدارية الخاصة بمهرجان الفرجان.

ورش عمل
من جانبها، شاركت هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) في مهرجان الفرجان، عبر العديد من الورش والفعاليات الفنية، وذلك بالتعاون مع مركز الجليلة لثقافة الطفل ومدارس الحياة وsxill lab، حيث حرصت على إقامة ورش للفنون المختلفة على مدار 5 أيام بين 22 ولغاية 26 من فبراير الجاري.
كما شهد المهرجان إقامة مجموعة من ورش العمل المختلفة، وخاصةً الموجهة للأطفال مثل: “فن الصوف”، و”التلوين وفنون مختلفة”، و”التلوين على مجسم الدب”، و”تزيين المرايا بالورود”، و”صناعة الدمية الورقية”.
إرث دبي
بدورها، جمعت منصة مبادرة “إرث دبي”- التي تستهدف توثيق وحفظ موروث الإمارة من خلال جمع ورصد قصص وتجارب أفراد المجتمع- روّاد المهرجان، لتدوين قصص أهاليهم الأوّلين من الآباء والأجداد، سواءً فيما يتعلق بالفريج الذي كانوا يسكنونه ومدة إقامتهم به، وصولاً إلى إرث المستقبل وتصوّرات المشاركين لمستقبل دبي وتطلعاتهم له.
وقال أحمد سعيد الشارد، المنسق العام لمبادرة إرث دبي: “إن مشاركة المبادرة في مهرجان الفرجان هذا العام عبر منصة “إرث دبي” تأتي انطلاقًا من حرصنا على تثقيف المجتمع وتعزيز الوعي بأهمية توثيق وحفظ التاريخ الإمارة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على القصص والتجارب التاريخية لكبار المواطنين، وترسيخ قيم التراث الإماراتي، بما يساهم في صون الموروث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية”.
وأضاف: “يمثل مهرجان الفرجان منصة مجتمعية تحتفي بالإبداع والتراث وفرصة مثالية للحفاظ على إرث دبي باعتباره مسؤولية مشتركة، لاسيما وأن هدفنا الأسمى إحياء ذاكرة دبي التاريخية من خلال رصد وجمع وحفظ القصص والتجارب الحياتية التي تجسّد ملامح تطور دبي وحياة أهلها عبر الأجيال”.
واختتم الشارد تصريحه بالتأكيد على أن مبادرة “إرث دبي” ستواصل جهودها في توثيق تاريخ الإمارة، من خلال جمع وحفظ القصص والتجارب المجتمعية بالتعاون مع مختلف الجهات والمؤسسات الثقافية. وأشار إلى أن هذه الجهود تعكس التزام دبي بالحفاظ على هويتها التاريخية، بالتوازي مع نهضتها المستمرة، مشدداً على أن تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التراث يساهم في ترسيخ قيم الأصالة والانتماء لدى الأجيال القادمة.